أخر الاخبار

recent

الدليل على أن الله تعالى موجودٌ بلا مكان ولا جهة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اعلم رحمك الله أن معرفة الله تعالى على ما يليق به وتنزيهه عن مشابهة الخلق هو أفضلُ العلوم وهو أهم مسئلةٍ في التوحيد قال تعالى : {فاعلم أنه لا إله إلا الله}و قد سمى الإمام أبو حنيفة علم التوحيد الفقه الأكبر معناه: هو الفقه المقدم على غيره مقدم على العلم بالصلاة والصوم والزكاة والحج الذي هو الفقه الأصغر
وقد اتفق علماء الإسلام سلفهم وخلفهم
على أن الله منزه عن مشابهة الخلق بأي وجه من الوجوه لأن الله قال :{ليس كمثله شئ} وهي أعظم ءاية في تنزيه الله عن مشابهة الخلق بأي وجه من الوجوه فالمكان والجهات الست بالنسبة إلى ذات الله على حد سواء لأن الله هو خالق الأماكن والجهات وكان موجودا قبلها بلا مكان ولا جهة وهو لا يتغير فلا يزال موجودا بلا مكان ولاجهة قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته التي تلقتها الأمة بالقبول والتي قال في بدايتها :[هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة معناه: أن كل المسلمين على هذه العقيدة قال فيها عن الله : [تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ] معناه: أن الله موجودٌ بلا جهة ولا مكان وكانت وفاة الطحاوي في أوائل القرن الرابع الهجري فهو من السلف لأنه أدرك سنين من القرن الثالث
وقد جرت عادة المشبهة
على نسبة اثبات جهة العلو لله وإلصاق ذلك بالسلف الصالح وقد أثبتنا أن السلف على نفي الجهة و المكان عن الله كما نص الإمام الطحاوي السلفي على ذلك وقد جهل هؤلاء المشبهة أن قول السلف بلا كيف معناه نفي كل ماهو من صفات الخلق فيدخل في ذلك المكان والجهة والعلو المكاني والحركة والسكون ونحو ذلك أما قوله تعالى:{ الرحمن على العرش استوى } فمعناه كما قال الإمام مالك: [الاستواء معلوم –أي وروده في القرءان- ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع] رواه عنه الحافظ البيهقي بإسناد صحيح وما روي عن بعضهم أن معناه:(علا) فمعناه علو القدر والمكانة لا المكان والجهة
وأما قوله تعالى :{ ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي } فمعناه إلى محل كرامتي وهو السماء كذلك قوله تعالى :{بل رفعه
الله إليه} كما في الآية عن آسية قالت رب ابنِ لي عندك بيتا في الجنة } أي في محل كرامتك وليس معناه أن الله يسكن الجنة لأن السكنى في مكان أو جهة من صفات الخلق كذلك قوله تعالى :{إليه يصعد الكلم الطيب} أي إلى السماء وهي محل كرامة الله إلى هناك ترفع الملائكة الكلام الطيب والعمل الصالح ليسجل
أما قوله تعالى : {يخافون ربهم من فوقهم} فمعناه فوقيةُ القهر لا المكان ولا الجهة كما في قوله تعالى :{ وهو القاهر فوق عباده
أما قوله تعالى : {قل نزله روح القدس } فمعناه : أن جبريل عليه السلام أخذ القرءان الكريم من اللوح المحفوظ ونزل به فاللوح المحفوظ قال بعض العلماء إنه فوق العرش وقال بعضهم تحت العرش ولا يجوز حمل الآية
على أن جبريل نزل من مكان يسكنه الله إلى الأرض لأن هذا لا يجوز على الله قال تعالى:{ فلا تضربوا لله الأمثال } والآيات المتشابهات التي ظاهرها يوهم نسبة ما لا يليق بالله إليه من حملها على الظاهر ضل وكفر لأنه شبه الله بخلقه أليس الله يقول :{ وهو معكم أينما كنتم} ويقول : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} فمن حمل هذا على الظاهر جعل الله مع الخلقِ بذاته حيثما كانوا كما يجعله ساكنا السماء والأرض وكل هذا مستحيل عن الله. وهو معكم أينما كنتم مجاز عن إحاطة علم الله بكل شئ وقوله :{وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } معناه معبود في السماء من قبل الملائكة وفي الأرض من قبل المؤمنين من الإنس والجن
وقوله تعالى :{ ءأمنتم من في السماء} معناه الملائكة لأن الملائكة هم الذين يخسفون الأرض بالمشركين إذا أمرهم
الله وقد فسر هذه الآية بالملائكة الحافظ العراقى واستدل لذلك بحديث:الراحمون يرحمهم الرحيم ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء.ومعلوم أن الله لا يسمى أهل السماء.وهذه الرواية تفسر الرواية المشهورة:الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء .أى الملائكة.
أما حديث الجارية الذي فيه : أن الرسول قال لها أين
الله قالت في السماء إلى ءاخره فقد قال الحافظ النووي إن هذا الحديث وسائر الأخبار الموهمة لله مكانا أو معاني لا تليق به لا يجوز حملها على الظاهر. وقول السلف : في السماء بلا كيف واستوى على العرش بلا كيف معناه نفي للجهة والمكان والجلوس والاستقرار وغير ذلك من صفات الخلق لأن الكيف معناه كل ما كان من صفات الخلق قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته : [ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر ] اهـ ومعاني البشر كثيرة منها الجلوس والاستقرار والحركة والسكون والكون في الجهة أو المكان
أما حديث:[ أن الرسول حين خطب الناس في حجة الوداع وفيه :فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى ءاخره ] فمعنى رفعه إصبعه إلى السماء الإشارة إلى تعظيم
الله وليس إثبات علو المكان في حق الله كما تزعم المشبهة بدليل ما رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع إصبعه في تشهده في الصلاة ويخفضها قليلا وفي ذلك دليل على وجود الله بلا مكان وأن هذا الرفع للإشارة إلى تعظيم الله ثم أليس الرسول قال : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وعلى قول المشبهة المجسمة إن كل النصوص تحمل على الظواهر ولا تؤول يكون المعنى أن الله في جهة الأرض وهذا باطلٌ فلا بد من تأويل هذا الحديث بأن معناه القرب المعنوي ليس الحسي
وقد أفاد الحديث الصحيح الذي رواه البخاري والحاكم وابن الجارود والذي قال فيه صلى
الله عليه وسلم :[ كان الله ولم يكن شئ غيره] أن الله كان في الأزل ولم يكن أي شئ سواه فالمكان والجهات لم تكن في الأزل وما تدعيه المشبهة من التفرقة بقولهم جهة مخلوقه وجهة اعتباريه هو ادعاء لا يقوم عليه دليل ولم يسبقهم إليه أحد من علماء الإسلام وهذا الحديث حجة عليهم لأن الجهة كيف ما كانت هي غير الله, الله كان في الأزل ولم يكن شئ غيره معناه: كان في الأزل بلا جهة ولا مكان ومعلوم أن أقوى علامات الحدوث التغير فالله لا يجوز عليه التغير هذا.. ولهذا البحث تتمة سنلحقها به فيما بعد إن شاء الله
الدليل على أن الله تعالى موجودٌ بلا مكان ولا جهة Reviewed by حسام الدين محيسن on 9:17 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

يسمح بإعادة النسخ والإستخدامحرّاس العقيدة
ترجمة وتطوير |فاعل خير

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.